عبيد الطوياوي
06-09-2020, 11:10 AM
https://www.youtube.com/watch?v=ejtvIzWw3b8
نِسْوَان آخِرِ الزَّمَان
الْحَمْدُ للهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ الضَّلَالِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، جَبَلَهُ رَبُّهُ عَلَى جَمِيلِ الْفِعَالِ وَكَرِيمِ الْخِصَالِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْمَآلِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يَقُولُ -عَزَّ وَجَلَّ- : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، حَقَّ تُقَاتِهِ ، يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : هُوَ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّ شَهَادَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ لَا تَكُونُ شَهَادَةً حَقِيقِيَّةً إِلَّا بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ ، وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ ، وَعِبَادَةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِمَا شَرَعَ ، وَمِنْ أَخْبَارِهِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، مِنْ تَبَدُّلِ أَحْوَالِهِنَّ ، وَاخْتِلَالِ سُلُوكِهِنَّ ، وَتَغَيُّرِ أَوْضَاعِهِنَّ ، وَارْتِكَابِهِنَّ مَا يُغْضِبُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَمِنْ ذَلِكَ : الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ )) ذُو الْخَلَصَةِ : صَنَمٌ كَانَ لِدَوْسٍ . وَعِبَادَةُ الْأَصْنَامِ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي لَا يُغْتَفَرُ ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ {، وَيَقُولُ أَيْضًا : } إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ {.
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : التَّعَرِّي وَالتَّسَكُّعُ فِي الطُّرُقَاتِ ، وَالتَّزَيُّنُ لِفِتْنَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا )). يَقُولُ ابْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ - : النِّسَاءُ الْكَاسِيَاتُ الْعَارِيَاتُ : هُنَّ اللَّاتِي يَلْبَسْنَ لِبَاسًا لَا يَسْتُرُهُنَّ ؛ إِمَّا لِقِصَرِهِ وَإِمَّا لِرِقَّتِهِ وَإِمَّا لِضِيقِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ، حَتَّى تَبْدُوَ أَحْجَامُ عَوْرَتِهَا، هَذِهِ كَاسِيَةٌ بِالِاسْمِ عَارِيَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ.
وَأَمَّا مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ ؛ فَهُنَّ الْمَائِلَاتُ عَنِ الْعِفَّةِ مَائِلَاتٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ إِلَى الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، يَعْنِي: مَائِلَاتٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالْعِفَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا أَوْجَبَ اللهُ إِلَى مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالتُّهَمِ، مُمِيلَاتٌ لِغَيْرِهِنَّ: مُمِيلَاتٌ لِلنِّسَاءِ الْأُخْرَيَاتِ ، يَدْعُنَّ إِلَى الْفَسَادِ وَيُعَلِّمْنَ النِّسَاءَ الْفَسَادَ ، وَيُشَجِّعْنَ عَلَى الْفَسَادِ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ . انْتَهَى كَلَامُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- .
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : الطُّغْيَانُ وَالتَّمَرُّدُ عَلَى الرِّجَالِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَ الْأَلْبَانِيُّ إِسْنَادَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَقُولُ: ((سيَكونُ في آخِرِ أُمَّتي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، عَلَى رُؤُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ ، الْعَنُوهُنَّ ؛ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ ، لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لَخَدَمَهُنَّ نِسَاؤُكُمْ ، كَمَا خَدَمَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ )) .
فَالنِّسَاءُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَتَمَرَّدْنَ عَلَى رِجَالِهِنَّ ، وَيَتَصَرَّفْنَ حَسَبَ أَهْوَائِهِنَّ وَرَغَبَاتِهِنَّ وَشَهَوَاتِهِنَّ ، تَضِيعُ الْقِوَامَةُ مِنْ أَيْدِي الْقَائِمِينَ عَلَيْهِنَّ ، وَذَلِكَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - بِسَبَبِ قِيَامِهِنَّ بِأَعْمَالِ الرِّجَالِ ، وَتَوَفُّرِ الْمَالِ بِأَيْدِيهِنَّ ، وَاسْتِغْنَائِهِنَّ وَحَاجَةِ أَشْبَاهِ الرِّجَالِ لِمَالِهِنَّ ، فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَذَكَرَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحَتِهِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ ))
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : السَّعْيُ الْحَثِيثُ خَلْفَ كُلِّ نَاعِقٍ ، وَالْإِعْجَابُ بِأَهْلِ الْمَقَاصِدِ السَّيِّئَةِ وَالْخَبِيثَةِ ، وَتَصْدِيقُ الْكَذَبَةِ وَالدَّجَّالِينَ ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : (( يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبِخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ - وَادٍ قُرْبَ الْمَدِينَةِ - فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا ؛ مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ )) .
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : كَثْرَتُهُنَّ وَقِلَّةُ الرِّجَالِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ، ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ )) ، وَفِي رِوَايَةٍ يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ )) .فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَصَدِّقُوا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الْرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُونَ :
إِنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، وَعَنِ الْمُخَالَفَاتِ الَّتِي يَقُمْنَ بِهَا ، وَالْجَرَائِمِ الَّتِي يَتَجَرَّأْنَ عَلَيْهَا ؛ كَالشِّرْكِ بِاللهِ ، وَالْعُرْيِ وَالسُّفُورِ ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْقِوَامَةِ ، وَالْإِعْجَابِ بِالتَّافِهِينَ ، وَتَصْدِيقِ الدَّجَّالِينَ ؛ يُوجِبُ عَلَيْنَا الْحَذَرَ وَتَحْذِيرَ نِسَائِنَا ، وَالْعَمَلَ عَلَى مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، بِالْبُعْدِ عَنْ تِلْكَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْجَرَائِمِ ؛ لِأَنَّ عِبْءَ مَفَاسِدِ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، يَبُوءُ بِإِثْمِهِ الرِّجَالُ الْمُفَرِّطُونَ فِي التَّرْبِيَةِ ، السَّاكِتُونَ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، الْمُضَيِّعُونَ لِلْقِوَامَةِ ، الْغَاضُّونَ لِلطَّرْفِ عَنِ التَّصَرُّفَاتِ السَّيِّئَةِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : (( أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) .
وَأَخِيرًا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - إِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ يَجْعَلُنَا نَحْمَدُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا ، مِنْ وُجُودِ نِسَاءٍ مُؤْمِنَاتٍ مُسْتَقِيمَاتٍ صَالِحَاتٍ عَفِيفَاتٍ ، يَصْدُقُ بِحَقِّهِنَّ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ )).
أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَحْفَظَ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْزُقَهُنَّ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ ، وَالْعَمَلَ بِمَا يُرْضِي رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَالْعَضَّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَى سُنَّةِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَنْ يُبْعِدَ عَنْهُنَّ كَيْدَ الْكَائِدِينَ ، وَمَكْرَ الْمَاكِرِينَ ، وَمَا يُخَطِّطُ لَهُ الْمُفْسِدُونَ وَيُنَفِّذُهُ الْفَاسِقُونَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حِفْظَ عَوْرَاتِنَا ، وَأَمْنَ رَوْعَاتِنَا ، وَإِفْسَادَ مُخَطَّطَاتِ أَعْدَائِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا أَوْ شَبَابَنَا أَوْ نِسَاءَنَا بِسُوءٍ ؛ اللَّهُمَّ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا وَلِيَّ أَمْرِنَا - خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ - وَوَفِّقْهُ لِهُدَاكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ ، وَارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ ، الَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ ، وَوُزَرَائِهِ وَالْقَائِمِينَ مَعَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .}رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .
نِسْوَان آخِرِ الزَّمَان
الْحَمْدُ للهِ الْمَحْمُودِ عَلَى كُلِّ حَالٍ ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ حَالِ أَهْلِ الضَّلَالِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ ، جَبَلَهُ رَبُّهُ عَلَى جَمِيلِ الْفِعَالِ وَكَرِيمِ الْخِصَالِ ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ ، خَيْرِ صَحْبٍ وَآلٍ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الْمَآلِ .
أَمَّا بَعْدُ ، فَيَا عِبَادَ اللهِ :
يَقُولُ -عَزَّ وَجَلَّ- : } يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ { ، حَقَّ تُقَاتِهِ ، يَقُولُ ابْنُ مَسْعُودٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - : هُوَ أَنْ يُطَاعَ فَلَا يُعْصَى ، وَيُذْكَرَ فَلَا يُنْسَى ، وَيُشْكَرَ فَلَا يُكْفَرُ ، فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَاعْلَمُوا - رَحِمَكُمُ اللهُ - بِأَنَّ شَهَادَةَ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ لَا تَكُونُ شَهَادَةً حَقِيقِيَّةً إِلَّا بِطَاعَتِهِ فِيمَا أَمَرَ ، وَتَصْدِيقِهِ فِيمَا أَخْبَرَ ، وَعِبَادَةِ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - بِمَا شَرَعَ ، وَمِنْ أَخْبَارِهِ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، مَا أَخْبَرَ بِهِ عَنْ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، مِنْ تَبَدُّلِ أَحْوَالِهِنَّ ، وَاخْتِلَالِ سُلُوكِهِنَّ ، وَتَغَيُّرِ أَوْضَاعِهِنَّ ، وَارْتِكَابِهِنَّ مَا يُغْضِبُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ -، وَمِنْ ذَلِكَ : الشِّرْكُ بِهِ سُبْحَانَهُ ، فَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ ، يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَضْطَرِبَ أَلَيَاتُ نِسَاءِ دَوْسٍ عَلَى ذِي الْخَلَصَةِ )) ذُو الْخَلَصَةِ : صَنَمٌ كَانَ لِدَوْسٍ . وَعِبَادَةُ الْأَصْنَامِ مِنَ الشِّرْكِ الَّذِي لَا يُغْتَفَرُ ، يَقُولُ عَزَّ وَجَلَّ : }إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ {، وَيَقُولُ أَيْضًا : } إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ {.
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : التَّعَرِّي وَالتَّسَكُّعُ فِي الطُّرُقَاتِ ، وَالتَّزَيُّنُ لِفِتْنَةِ الرِّجَالِ الْأَجَانِبِ ؛ فَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا : قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ ، وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، مُمِيلاَتٌ مَائِلاَتٌ ، رُءُوسُهُنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْمَائِلَةِ ، لاَ يَدْخُلْنَ الْجَنَّةَ وَلاَ يَجِدْنَ رِيحَهَا ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ كَذَا وَكَذَا )). يَقُولُ ابْنُ بَازٍ - رَحِمَهُ اللهُ - : النِّسَاءُ الْكَاسِيَاتُ الْعَارِيَاتُ : هُنَّ اللَّاتِي يَلْبَسْنَ لِبَاسًا لَا يَسْتُرُهُنَّ ؛ إِمَّا لِقِصَرِهِ وَإِمَّا لِرِقَّتِهِ وَإِمَّا لِضِيقِهِ وَالْعِيَاذُ بِاللهِ ، حَتَّى تَبْدُوَ أَحْجَامُ عَوْرَتِهَا، هَذِهِ كَاسِيَةٌ بِالِاسْمِ عَارِيَةٌ فِي الْحَقِيقَةِ.
وَأَمَّا مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ ؛ فَهُنَّ الْمَائِلَاتُ عَنِ الْعِفَّةِ مَائِلَاتٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ إِلَى الْفَوَاحِشِ وَالْمُنْكَرَاتِ، يَعْنِي: مَائِلَاتٌ عَنِ الِاسْتِقَامَةِ وَالْعِفَّةِ وَالصَّبْرِ عَلَى مَا أَوْجَبَ اللهُ إِلَى مَا حَرَّمَ اللهُ مِنَ الزِّنَا وَالْفَوَاحِشِ وَالتُّهَمِ، مُمِيلَاتٌ لِغَيْرِهِنَّ: مُمِيلَاتٌ لِلنِّسَاءِ الْأُخْرَيَاتِ ، يَدْعُنَّ إِلَى الْفَسَادِ وَيُعَلِّمْنَ النِّسَاءَ الْفَسَادَ ، وَيُشَجِّعْنَ عَلَى الْفَسَادِ ، نَسْأَلُ اللهَ الْعَافِيَةَ . انْتَهَى كَلَامُهُ -رَحِمَهُ اللهُ- .
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : الطُّغْيَانُ وَالتَّمَرُّدُ عَلَى الرِّجَالِ ، فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَحَسَّنَ الْأَلْبَانِيُّ إِسْنَادَهُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم- يَقُولُ: ((سيَكونُ في آخِرِ أُمَّتي رِجَالٌ يَرْكَبُونَ عَلَى سُرُوجٍ كَأَشْبَاهِ الرِّحَالِ ، يَنْزِلُونَ عَلَى أَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ ، نِسَاؤُهُمْ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ ، عَلَى رُؤُوسِهِنَّ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ الْعِجَافِ ، الْعَنُوهُنَّ ؛ فَإِنَّهُنَّ مَلْعُونَاتٌ ، لَوْ كَانَتْ وَرَاءَكُمْ أُمَّةٌ مِنَ الأُمَمِ لَخَدَمَهُنَّ نِسَاؤُكُمْ ، كَمَا خَدَمَكُمْ نِسَاءُ الْأُمَمِ قَبْلَكُمْ )) .
فَالنِّسَاءُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ يَتَمَرَّدْنَ عَلَى رِجَالِهِنَّ ، وَيَتَصَرَّفْنَ حَسَبَ أَهْوَائِهِنَّ وَرَغَبَاتِهِنَّ وَشَهَوَاتِهِنَّ ، تَضِيعُ الْقِوَامَةُ مِنْ أَيْدِي الْقَائِمِينَ عَلَيْهِنَّ ، وَذَلِكَ - وَاللهُ أَعْلَمُ - بِسَبَبِ قِيَامِهِنَّ بِأَعْمَالِ الرِّجَالِ ، وَتَوَفُّرِ الْمَالِ بِأَيْدِيهِنَّ ، وَاسْتِغْنَائِهِنَّ وَحَاجَةِ أَشْبَاهِ الرِّجَالِ لِمَالِهِنَّ ، فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ ، وَذَكَرَهُ الْأَلْبَانِيُّ فِي صَحِيحَتِهِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( إِنَّ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ تَسْلِيمَ الْخَاصَّةِ ، وَفُشُوَّ التِّجَارَةِ ، حَتَّى تُعِينَ الْمَرْأَةُ زَوْجَهَا عَلَى التِّجَارَةِ ، وَقَطْعَ الْأَرْحَامِ ، وَشَهَادَةَ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ، وَظُهُورَ الْقَلَمِ ))
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : السَّعْيُ الْحَثِيثُ خَلْفَ كُلِّ نَاعِقٍ ، وَالْإِعْجَابُ بِأَهْلِ الْمَقَاصِدِ السَّيِّئَةِ وَالْخَبِيثَةِ ، وَتَصْدِيقُ الْكَذَبَةِ وَالدَّجَّالِينَ ؛ فَفِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ : (( يَنْزِلُ الدَّجَّالُ فِي هَذِهِ السَّبِخَةِ بِمَرِّقَنَاةَ - وَادٍ قُرْبَ الْمَدِينَةِ - فَيَكُونُ أَكْثَرَ مَنْ يَخْرُجُ إِلَيْهِ النِّسَاءُ ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَرْجِعُ إِلَى حَمِيمِهِ وَإِلَى أُمِّهِ وَابْنَتِهِ وَأُخْتِهِ وَعَمَّتِهِ ، فَيُوثِقُهَا رِبَاطًا ؛ مَخَافَةَ أَنْ تَخْرُجَ إِلَيْهِ )) .
وَمِمَّا يَحْدُثُ لِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ : كَثْرَتُهُنَّ وَقِلَّةُ الرِّجَالِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : (( لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَطُوفُ الرَّجُلُ فِيهِ بِالصَّدَقَةِ مِنَ الذَّهَبِ ، ثُمَّ لاَ يَجِدُ أَحَدًا يَأْخُذُهَا مِنْهُ ، وَيُرَى الرَّجُلُ الوَاحِدُ يَتْبَعُهُ أَرْبَعُونَ امْرَأَةً يَلُذْنَ بِهِ ، مِنْ قِلَّةِ الرِّجَالِ وَكَثْرَةِ النِّسَاءِ )) ، وَفِي رِوَايَةٍ يَقُولُ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - : (( مِنْ أَشْرَاطِ السَّاعَةِ : أَنْ يَقِلَّ العِلْمُ ، وَيَظْهَرَ الجَهْلُ ، وَيَظْهَرَ الزِّنَا ، وَتَكْثُرَ النِّسَاءُ ، وَيَقِلَّ الرِّجَالُ ، حَتَّى يَكُونَ لِخَمْسِينَ امْرَأَةً القَيِّمُ الوَاحِدُ )) .فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ ، وَصَدِّقُوا بِمَا أَخْبَرَ بِهِ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. أَقُولُ قَوْلِي هَذَا ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الْرَّحِيمُ .
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ صَلَّى اللهُ عَلِيهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا .
أَيُّهَا الإِخْوَةُ المُؤمِنُونَ :
إِنَّ إِخْبَارَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِنِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، وَعَنِ الْمُخَالَفَاتِ الَّتِي يَقُمْنَ بِهَا ، وَالْجَرَائِمِ الَّتِي يَتَجَرَّأْنَ عَلَيْهَا ؛ كَالشِّرْكِ بِاللهِ ، وَالْعُرْيِ وَالسُّفُورِ ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى الْقِوَامَةِ ، وَالْإِعْجَابِ بِالتَّافِهِينَ ، وَتَصْدِيقِ الدَّجَّالِينَ ؛ يُوجِبُ عَلَيْنَا الْحَذَرَ وَتَحْذِيرَ نِسَائِنَا ، وَالْعَمَلَ عَلَى مَا يُرْضِي رَبَّنَا ، بِالْبُعْدِ عَنْ تِلْكَ الْمُخَالَفَاتِ وَالْجَرَائِمِ ؛ لِأَنَّ عِبْءَ مَفَاسِدِ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ ، يَبُوءُ بِإِثْمِهِ الرِّجَالُ الْمُفَرِّطُونَ فِي التَّرْبِيَةِ ، السَّاكِتُونَ عَنِ الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ ، الْمُضَيِّعُونَ لِلْقِوَامَةِ ، الْغَاضُّونَ لِلطَّرْفِ عَنِ التَّصَرُّفَاتِ السَّيِّئَةِ ، يَقُولُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهِ : (( أَلَا كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، فَالْأَمِيرُ الَّذِي عَلَى النَّاسِ رَاعٍ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ، وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ عَلَى بَيْتِ بَعْلِهَا وَوَلَدِهِ، وَهِيَ مَسْئُولَةٌ عَنْهُمْ، وَالْعَبْدُ رَاعٍ عَلَى مَالِ سَيِّدِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُ، أَلَا فَكُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ )) .
وَأَخِيرًا - أَيُّهَا الْإِخْوَةُ - إِخْبَارُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ نِسْوَانِ آخِرِ الزَّمَانِ يَجْعَلُنَا نَحْمَدُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - عَلَى مَا أَنْعَمَ بِهِ عَلَيْنَا ، مِنْ وُجُودِ نِسَاءٍ مُؤْمِنَاتٍ مُسْتَقِيمَاتٍ صَالِحَاتٍ عَفِيفَاتٍ ، يَصْدُقُ بِحَقِّهِنَّ قَوْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : ((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي ظَاهِرِينَ عَلَى الْحَقِّ ، لَا يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ ، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ كَذَلِكَ )).
أَسْأَلُ اللهَ - عَزَّ وَجَلَّ - أَنْ يَحْفَظَ نِسَاءَ الْمُسْلِمِينَ ، وَيَرْزُقَهُنَّ الْفِقْهَ فِي الدِّينِ ، وَالْعَمَلَ بِمَا يُرْضِي رَبَّ الْعَالَمِينَ ، وَالْعَضَّ بِالنَّوَاجِذِ عَلَى سُنَّةِ خَاتَمِ الْأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ ، وَأَنْ يُبْعِدَ عَنْهُنَّ كَيْدَ الْكَائِدِينَ ، وَمَكْرَ الْمَاكِرِينَ ، وَمَا يُخَطِّطُ لَهُ الْمُفْسِدُونَ وَيُنَفِّذُهُ الْفَاسِقُونَ ، إِنَّهُ سَمِيعٌ مُجِيبٌ . اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حِفْظَ عَوْرَاتِنَا ، وَأَمْنَ رَوْعَاتِنَا ، وَإِفْسَادَ مُخَطَّطَاتِ أَعْدَائِنَا ، اللَّهُمَّ مَنْ أَرَادَنَا أَوْ أَرَادَ بِلَادَنَا أَوْ شَبَابَنَا أَوْ نِسَاءَنَا بِسُوءٍ ؛ اللَّهُمَّ فَاشْغَلْهُ بِنَفْسِهِ ، وَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ ، وَاجْعَلْ تَدْبِيرَهُ سَبَبًا لِتَدْمِيرِهِ يَا قَوِيُّ يَا عَزِيزُ . اللَّهُمَّ احْفَظْ لَنَا وَلِيَّ أَمْرِنَا - خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ - وَوَفِّقْهُ لِهُدَاكَ ، وَاجْعَلْ عَمَلَهُ فِي رِضَاكَ ، وَارْزُقْهُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ ، الَّتِي تَدُلُّهُ عَلَى الْخَيْرِ وَتُعِينُهُ عَلَيْهِ ، اللَّهُمَّ وَفِّقْ وَلِيَّ عَهْدِهِ ، وَوُزَرَائِهِ وَالْقَائِمِينَ مَعَهُ إِلَى مَا تُحِبُّ وَتَرْضَى يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ .}رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ { .
عِبَادَ اللهِ : } إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ { فَاذْكُرُوا اللهَ الْعَظِيمَ يَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوهُ عَلَى وَافِرِ نِعَمِهِ يَزِدْكُمْ ، وَلَذِكْرُ اللهِ أَكبَرُ ، وَاللهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُون .