((من أنفة الفرسان وحملهم نفوسهم على الأخطار))
ذكر الفارس الحافظ والامير أسامة بن منقذ الكناني في كتابه الاعتبار من مشاهداته للفرسان أثناء طراد الاقران حيث قال :
مما شاهدته من أنفة الفرسان وحملهم أنفسهم على الاخطار ، أننا كنا التقينا نحن وشهاب الدين محمود بن قراجا صاحب حماة ذلك الوقت ، وكانت الحرب بيننا وبينه ما تغب ، والمواكب واقفة والطراد بين المتسرعة ، فجاءني رجل من أجنادنا وفرساننا المعدودين يقال له جمعة من بني نمير . قلت انا : وبني نمير أحد بطون بني عامر من هوازن ، وكانوا احد جمرات العرب بالجاهلية . ثم واصل يقول : جاءني وهو يبكي ، فقلت له : ما لك يا أبا محمود ؟ هذا وقت بكاء ؟ قال : طعنني سرهنك بن أبي منصور ، يقصد هنا بالسرهنك الزعيم بلغة فارس ، قلت : واذا طعنك سرهنك أي شيء يكون ؟ قال : ما يكون شيء الا يطعنني مثل سرهنك ! والله ان الموت أسهل علي من ان يطعنني ، لكنه استغفلني واغتالني ، فجعلت أسكته واهون الامر عليه ، فرد رأس فرسه راجعا ، فقلت : الى أين يا ابا محمود ؟ قال : الى سرهنك ، والله لأطعننه او لاموتن دونه .
فغاب ساعة واشتغلت انا بمن مقابلي ، ثم عاد وهو يضحك فقلت : ما عملت ؟ فقال : طعنته والله ، ولو لم اطعنه لفاظت روحي ، فحمل عليه في جمع أصحابه فطعنه وعاد ، فكأن هذا الشعر عني به سرهنك وجمعة بقوله :
لله درك ما تظن ........ بثاءر
حران ليس عن الترات براقد
أيقظته ورقدت عنه ولم ينم
حنقا عليك وكيف نوم الجاهد
ان تمكن الايام منك .... وعلها
يوما يكل لك بالصواع . الزاءد
وقد كان سرهنك هذا من الفرسان المذكورين مقدما في الاكراد ، الا انه كان شابا وجمعة رجل كهل له ميزة بالسن ، والتقدمية في الشجاعة .
القارظ العنزي
|