الزير سالم
26-08-2010, 07:27 AM
أ.د. سالم بن أحمد سحاب
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/8654404785895091.jpg
هل صُدمنا بإعلان طيران (سما) إيقاف جميع أنشطة النقل الجوي اعتبارًا من الثلاثاء الماضي؟ أم أن ثمة مؤشرات قوية سببت الصدمة الكبيرة؟ تذكرتُ أن السؤال الأخير أقرب إلى الواقع، إذ سبق لمعالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني (في تحقيق موسع نشرته الاقتصادية قبل شهور قليلة) التحذير من عواقب الاستمرار في السياسة الحالية الملزمة للناقلات الجوية بسقف محدد من الأسعار على الرحلات الداخلية، مع عدم منح الناقلات الثلاث فرصًا متساوية في شراء الوقود بسعر موحد، إذ تدفع السعودية أقل من ربع ما تدفعه سما وناس. الذي ثبت لطيران سما هو أنها (ما هي مخارجة) على حد المثل الشعبي، إذ اقترن سقف الأسعار بضعف الطلب على عدد كبير من المسارات، خاصة المدن الصغيرة، ممّا شكل في نهاية المطاف خسارة تشغيلية واضحة لا يتحمّلها ناقل تجاري بحت، دون دعم حكومي مناسب. محزن جدًا فشل هذه التجربة التي من المفترض أن تفتح الباب أمام منافسة قوية تصب في مصلحة الراكب مواطنًا ومقيمًا. ومخيف جدًا أن تلحق (ناس) بشقيقتها (سما) ليعود الكتّان كما كان، وتظل (السعودية) اللاعب الوحيد في مساحة جغرافية هائلة تقطنها كثافة بشرية ليست بالبسيطة. هذا السيناريو لن يسر الخطوط السعودية، فهي تشتكي أصلاً من وطأة تقييد الأسعار. لكن إطلاق يدها لتحديد السعر الذي تشاء في ظل غياب منافس آخر لن يكون أبدًا في صالح المواطن أولاً، ولا في صالح الاقتصاد الوطني ثانيًا، ولا في صالح السمعة الاقتصادية للبلد، إذ سيشيع أن تركيبتها الاقتصادية ترسّخ مبدأ الاحتكار، وتحول دون ظهور منافسة حقيقية فاعلة. غياب (سما) يمثل نقطة مفصلية في مسيرة صناعة النقل الجوي في المملكة. وما لم تتدارك الأنظمة والتعليمات هذه الحقيقة المرّة، فإن مضاعفات هذا الحدث لن تكون سهلة على نشاط يُرجى تحريره، وفتح أجوائه أسوة بالتوجّه العالمي السائد، ورغبة في تطويره وتحسين أدائه، ومضاعفة عائداته، والرفع من قيمته المضافة ممثلة في فرص وظيفية متعددة، وحركة تجارية ممتدة، وأنشطة سياحية واسعة. الأمل أن تعود سما عمّا قريب صقرًا قويًّا ناجحًا يحلّق في سماوات الوطن.
http://www.al-madina.com/files/imagecache/node_photo/8654404785895091.jpg
هل صُدمنا بإعلان طيران (سما) إيقاف جميع أنشطة النقل الجوي اعتبارًا من الثلاثاء الماضي؟ أم أن ثمة مؤشرات قوية سببت الصدمة الكبيرة؟ تذكرتُ أن السؤال الأخير أقرب إلى الواقع، إذ سبق لمعالي رئيس الهيئة العامة للطيران المدني (في تحقيق موسع نشرته الاقتصادية قبل شهور قليلة) التحذير من عواقب الاستمرار في السياسة الحالية الملزمة للناقلات الجوية بسقف محدد من الأسعار على الرحلات الداخلية، مع عدم منح الناقلات الثلاث فرصًا متساوية في شراء الوقود بسعر موحد، إذ تدفع السعودية أقل من ربع ما تدفعه سما وناس. الذي ثبت لطيران سما هو أنها (ما هي مخارجة) على حد المثل الشعبي، إذ اقترن سقف الأسعار بضعف الطلب على عدد كبير من المسارات، خاصة المدن الصغيرة، ممّا شكل في نهاية المطاف خسارة تشغيلية واضحة لا يتحمّلها ناقل تجاري بحت، دون دعم حكومي مناسب. محزن جدًا فشل هذه التجربة التي من المفترض أن تفتح الباب أمام منافسة قوية تصب في مصلحة الراكب مواطنًا ومقيمًا. ومخيف جدًا أن تلحق (ناس) بشقيقتها (سما) ليعود الكتّان كما كان، وتظل (السعودية) اللاعب الوحيد في مساحة جغرافية هائلة تقطنها كثافة بشرية ليست بالبسيطة. هذا السيناريو لن يسر الخطوط السعودية، فهي تشتكي أصلاً من وطأة تقييد الأسعار. لكن إطلاق يدها لتحديد السعر الذي تشاء في ظل غياب منافس آخر لن يكون أبدًا في صالح المواطن أولاً، ولا في صالح الاقتصاد الوطني ثانيًا، ولا في صالح السمعة الاقتصادية للبلد، إذ سيشيع أن تركيبتها الاقتصادية ترسّخ مبدأ الاحتكار، وتحول دون ظهور منافسة حقيقية فاعلة. غياب (سما) يمثل نقطة مفصلية في مسيرة صناعة النقل الجوي في المملكة. وما لم تتدارك الأنظمة والتعليمات هذه الحقيقة المرّة، فإن مضاعفات هذا الحدث لن تكون سهلة على نشاط يُرجى تحريره، وفتح أجوائه أسوة بالتوجّه العالمي السائد، ورغبة في تطويره وتحسين أدائه، ومضاعفة عائداته، والرفع من قيمته المضافة ممثلة في فرص وظيفية متعددة، وحركة تجارية ممتدة، وأنشطة سياحية واسعة. الأمل أن تعود سما عمّا قريب صقرًا قويًّا ناجحًا يحلّق في سماوات الوطن.