المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : سـ ـ ـلـ ـ ـمـ ـ ـى


سلطان الرواد
09-12-2010, 06:38 PM
في ناحية نائية من الصحراء، وفي أحد شعابها، وفي يوم بارد من أيام كانون، تحلقت أسرة بدوية بائسة حول النار المستعرة وسط الخباء. كانوا سبعة: الأب والأم وثلاثة أولاد وبنتان إحداهما رضيعة. كان عمر أكبرهم تسع سنين، وبطرح عام واحد يكون عمر التالي وهكذا... في سلسلة أفقدها الموت نصف حلقاتها. فكأن الموت شريك الأب فلذات كبده، خمسة بين يديه وخمسة بين يدي الموت.

قامت الأم لتضع الرضيعة في فراشها، ولحقها الأب بعينيه، وفي هذه اللحظة، دس كبير الأبناء في النار قطعة حديدية صدئة بحجم البيضة وجدها في مسيل أحد الأودية القريبة ولم يدر أنها كانت لغما أرضيا مضادا للأفراد. وما لبثت الأم أن عادت إلى مكانها فمد الأب يديه باتجاه النار وقلده الجميع وراح الدفء يسري منها إلى أجسادهم.

وهناك في الأعلى – في السماء – أمر الله ملك الموت أن يهبط إلى الأرض إلى تلك الصحراء النائية إلى ذلك الشعب الأجرد ويدخل تلك الخيمة وينتظر الأمر بقبض أرواح الجالسين حول النار جميعا. فلما وقف أمام الخيمة أجال عينيه فيها، فرأى البؤس فاغرا فاه فيها، وأطال النظر إلى الأطفال المستدفئين بالنار المتململين حولها، ثم أشاح طرفه إلى الرضيعة النائمة بعيدا عنهم، ثم حدق في وجه الأب المبتسم في وجه زوجته، ثم جاء أمر الله، فدوّى الانفجار من النار، وتناثرث جمراتها تناثر أرواح القاعدين حولها، فلملمها ملك الموت، ثم وقف أمام الرضيعة التي صرخت باكية، وراح يرقبها بعيون دامعة، ثم قال: تركتك وحيدة في هذه الصحراء القاحلة، ما فعلته عن أمري، فالله خير حافظا وهو أحكم الحاكمين. ثم عرج إلى السماء!

وبعد اثنين وعشرين عاما، أمر الله ملك الموت أن يهبط إلى الأرض ليبقض روح رجل كهل، فلما وقف عند رأسه سمع جانبا من حديث دار بينه وبين جارية جلست إلى يمينه.

- الكهل: سلمى!

- سلمى: نعم يا عمي؟

- إنني أشم رائحة قوية تفوح من فوقي. أهي رائحة الموت؟

- كلا إنها الحمى، شفاك الله وأنسأ في أجلك ... وراحت تمسح وجهه بخرقة مبلولة بالماء.

- يا سلمى، اختاري أحد أبنائي الثلاثة – بدري، متعب، نومان – ليكون لك بعلا. فإنني لن أعيش إلى المساء، وأريد أن أطمئن عليك قبل موتي.

فأجابته مازحة: يا عمي، أمد الله عمرك، إذا اخترت بدريا فسيبادرني كل صباح ويوقظني ولن أنام الضحى أبدا، لا لا أريده! وإذا اخترت متعبا فسيتعبني ويضنكني، لا لا أريده. أما نومان، فهو كاسمه ينام جل يومه، هو هو، لقد اخترته يا عمي!

فنادى الكهل ابنه نومان وأنكحه سلمى أوصاه بها خيرا.

وعندما جاء أمر الله بقبض الكهل كان ملك الموت لا يزال ضاحكا من قول سلمى. فقبض روحه وعرج إلى السماء.

وهناك قال له الله: إن مَن أضحكك اليوم لهو من أبكاك بالأمس!

لقد كان هذا الكهل يقود حماره قريبا من ذلك الشعب قبل اثنتين وعشرين سنة وعندما انفجر اللغم، وعرج الملك إلى السماء، ركض الكهل باتجاه الصوت فرأى الخيمة فدخلها ووجد الرضيعة - التي كانت الناجية الوحيدة من براثن الموت - باكية فضمها إليه وسماها سلمى!

\

قلب ممزق
09-12-2010, 07:03 PM
قصه جميلهـ ..اشكرك عليها ..

غ,,ا ض ب

ويعطيك العافيهـ ..

f17

عويد بدر الهذال
09-12-2010, 10:14 PM
أهلا ً بـ الكوكب الدُرّي ..

لـ حضوركـ ترانيم ٌ من جمال ..

فـ لا تحرمنا متعة ِ الإستماع َ والنظر ..

كُن بـ القُرب .. فـ إن القلوب َ لـ تسعد ..

دمت َ بـ سعادهـ ..~

احساس رسام
09-12-2010, 10:19 PM
خُيرت سلمى مابين بدريا ومتعبا ونومان
فاختارت \
ومنذ البدء وسلمى تربح
كم سلمى ياترى هناك ؟
عافاك الرب

أخت لورنس
09-12-2010, 11:24 PM
سلطان الرواد..
كتبت فأجدت الكتابه أسلوب في السرد متميز ..
نتشوق للمزيد ..
دام لنا هذا الحضور المميز..
دمت ملكأإأإأإ

الزير سالم
10-12-2010, 12:22 AM
عودا حميدا أخي / سلطان

واسلوب قصصي جميل ورائع

طبت وطابت سائر ايامك