~~ بـ ــحـ ـا ر مــ ــهــ ـاجـ ــ ـــرة ~~

العين

ألم يسأل أحدكم نفسه يوما، لِمَ اختار الله مكان عيوننا كما نراها في وجوهنا، ولم يختر أن تكون في مكان آخر؟ أكان ذلك عبثا، أم أن هناك حكمة خفية؟ إن معرفتي بالله تقودني إلى البحث عن تلك الحكمة الخفية، لأنه – عز وجل – لم يخلق شيئا عبثا!

فلأنها الأهم كانت الأعلى مكانا؛ فوق الفم، والأنف، والأذن. فقد يغني البصر أحيانا عن غيره من الحواس، فبالنظر تميز السطح الخشن من الناعم دون لمسه، وبالنظر أيضا ترى الطعام فتكرهه قبل أن تذوقه، ولن تقدر الحواس الأخرى مجتمعة على وصف نملة كما تصفها العين!

أما عن مكانها فهي إلى الأمام دائما، وفي ذلك حكمة سآتي عليها في النهاية. فإن كانت إلى الأعلى لكرهنا السماء وكرهتنا، وإن كانت إلى الأسفل لضاقت بنا الأرض بما رحبت، وإن كانت على الجانبين لتفرقت بنا السبل، وإن كانت إلى الخلف لمكثنا في الماضي أبدا.

إنها إلى الأمام لأن الحياة تسير أمامنا، فلا ينبغي للحي أن ينظر إلى الوراء ويدع الحياة فيضل، ولا إلى الأعلى فيرى الأكبر منه والأعظم فيزل، ولا إلى الأسفل فيعتاد الأدنى والأحقر فيذل، ولا إلى اليمين ولا إلى اليسار فيختلف الأمر عليه ويضطرب فيمل.

فلله في خلقه شؤون.

\
\